Saturday, February 21, 2009

جسارة الإيمان


وصرخ (إيليا) إلى الرب وقال: يا رب إلهي، لترجع نفس هذا الولد إلى جوفه ( 1مل 17: 21


يا للعجب مما حدث عندما مات ابن الأرملة التي كان إيليا نازلٌ عندها! فقد أخذ إيليا الولد من حضنها وصعد به إلى العُليّة، ووضع الولد على سريره، وصلى للرب في طلبة ما أعجبها وما أروعها في آنٍ معًا
«يا رب إلهي، لترجع نفس هذا الولد إلى جوفه».
كيف تطلب يا إيليا طلبة مثل هذه؟ إن المعروف عن الموتى أنهم لا يرجعون. أَوَ ليس هذا هو السؤال الاستنكاري لأيوب: «إن مات رجلٌ أ فيحيا؟»
وهل أنت يا إيليا أفضل من آبائك؟ أ لعلك أفضل من إبراهيم أو يعقوب؟ لقد ماتت سارة المحبوبة لقلب إبراهيم، فأتى إبراهيم ليندب سارة ويبكي عليها، ولكنه بعدما بكى وندب، قام من أمام ميتِهِ، لا ليصلي طالبًا من الرب أن ترجع نفس سارة إلى جوفها، بل قام ليطلب من بني حث مُلك قبر ليدفن ميته من أمامه ( تك 23: 3 ، 4)
. ويعقوب في دوره، أ لم يكن يحب راحيل حُبًا جارفًا؟ ولكن جاء يوم ولادتها لبنيامين، وتعسَّرت ولادتها وماتت، فهل طلب يعقوب من الرب قائلاً:
لترجع نفس راحيل إلى جوفها؟ كلا، بل نصب على قبرها عمودًا للتذكار ( تك 35: 30 ). إذًا يا إيليا، يا مَنْ قلت: «إني لست خيرًا من آبائي» ( 1مل 19: 9 )، ها هم آباؤك كلٌٍ في دوره لم يطلب رجوع نفس ميته مرة أخرى، فكيف تقدم يا رجل على مثل هذا الأمر؟ هل عندك من الإيمان ما يكفي؟ وهل وصلت ثقتك في الله إلى هذا الحد؟ نعم أيها الأحباء. لقد تجاسر إيليا وطلب هذا الطلب الغريب الذي لم يطلبه أحد من قبل. وبكل تأكيد كان الرب في قمة السعادة والغبطة وهو يرى جسارة الإيمان في خادمه، وهو يلمح كل هذه الثقة بداخله، وكان إيليا
يعلم أنه لا يستحيل على الرب شيء
.
إن الإيمان ليس فقط معناه أن أطلب طلبات صعبة، أو حتى مستحيلة، سبق أن حصل عليها آخرون قبلي، فحصولهم على مثل هذه الطلبات يُعتبر مشجعًا للإيمان. ولكن الإيمان في روعته هو أن تتقدم إلى الله طالبًا شيئًا، حتى ولو كنت أنا أول مَنْ يطلبه، حتى لو لم يكن قد حدث مع أحد آخر قبلي، فهذه هي جسارة الإيمان التي تُسعد الرب.

عادل حبيب

No comments:

Post a Comment