Friday, October 24, 2008

ديانة نواميس وديانة نعمة


ادْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ!
مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ! (متى13:7، 14)

عندما تنظر الى عالم الدين اليوم تجد العديد من الديانات، الطوائف والفرق. ولكن هنالك ديانتين فقط كما يقترح النص لهذا اليوم. على ناحية واحدة الباب الواسع والرحب الذي يؤدي الى الهلاك. وعلى الناحية الثانية الباب الضيق والطريق الكرب الذي يسير فيه القلائل ويؤدي الى الحياة. من الممكن تصنيف جميع الديانات تحت هذا الباب أو ذاك. الصفة التي تفرق بين الإثنين هي: تقول الواحدة ما يجب على الإنسان أن يعمل لينال الخلاص أو ليستحق الخلاص؛ ويقول الآخر ما عمله الله ليدبر الخلاص للإنسان.
الإيمان المسيحي الحقيقي فريد في دعوته ليقبل الناس حياة أبدية كعطية عن طريق الإيمان. جميع الديانات الأخرى تقول أن الإنسان يجب أن يحصل على خلاصه بالأعمال أو بالأخلاق. يخبرنا الإنجيل كيف تمم المسيح العمل الضروري لفدائنا. الديانات الأخرى تخبر الناس ما ينبغي أن يعملوا ليفتدوا أنفسهم.

الفرق هو ما بين العمل وما قد عُمل.

الفكرة المنتشرة هي أن الصالحين يذهبون إلى السماء والأشرار إلى جهنم. لكن الكتاب المقدس يعلم أنه لا يوجد من هو صالح، وكل من يذهب الى السماء هم الخطاة الذين خلصوا بنعمة الله. إنجيل المسيح يلغي التفاخر؛ يقول للإنسان أنه لا يمكنه أن يقوم بأية أعمال تجعله مستحقا أن يكسب نعمة لأنه ميت بالخطايا والآثام. جميع الديانات الأخرى تغذي كبرياء الإنسان بالإشارة إلى أن هناك ما يمكنه أن يعمل ليخلص نفسه أو ليساهم في خلاصه.
جميع الديانات الكاذبة هي "طريق تظهر للإنسان مستقيمة " لكنها أيضاً هي الطرق التي تنتهي بالموت (أمثال12:14). الخلاص بالإيمان بيسوع المسيح يبدو "سهلا" للإنسان لكن هذه هي الطريق التي تؤدي إلى الحياة. في الديانات الكاذبة يسوع لا شيء أو فقط شيئا ما. في الإيمان المسيحي الحقيقي يسوع هو كل شيء.

لا يوجد في الديانات الأخرى تأكيد حقيقي على الخلاص لأن الشخص لا يعرف أبدا إن عمل ما يكفي من الأعمال الصالحة أو من الأنواع الصحيحة. يستطيع المؤمن بيسوع أن يعرف انه مخلص لأن الخلاص لا يعتمد على أعماله لكن على أعمال المسيح لأجله.
ديانتان فقط- الواحدة ديانة نواميس والأخرى ديانة نعمة. الواحدة بالأعمال، الأخرى بالإيمان. الواحدة بالعمل، الأخرى بالإيمان. الواحدة بالمحاولة، الأخرى بالثقة. تؤدي الأولى إلى الدينونة والموت والثانية إلى التبرير والحياة.

Tuesday, October 14, 2008

المسيحية تنتصر .. بالإضطهاد


ما عاشت المسيحية ولا ازدهرت وانتشرت لولا الإضطهادات التي تعرض لها المسيحيون ، لهذا نجد كلام بولس الرسول في رسالته الثانية إلى طيموثاوس يقول : وَجَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعِيشُوا بِالتَّقْوَى فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُونَ. فمنذ القرون الأولى للمسيحية ، بل منذ نشاتها ، أي منذ أن بدأ السيد المسيح تعليمه ، بدأت الإضطهادات ، ولهذا انتشرت بين البشر وراح الناس يؤمنون بتعاليم السيد المسيح منذ ألفي سنة وحتى الآن ، وراحت المسيحية تدخل البيوت والقلوب معا .

فمنذ نشوئها وحتى يومنا هذا ، تعرّضت المسيحية لتحديات كبيرة حاولت أن تعصف بكيانها وتهدم صرحها ، لكن وعد المسيح بأن يبني كنيسته على صخرة الإيمان ، وأن أبواب الجحيم لن تقوى عليها. كانت تفسيرا لما سيحدث للمسيحيين كبشر ، وللمسيحية ككيان إيماني .. لهذا فإن كل ما تعرضت له من تعسف وإضطهاد ، ومن مختلف ( القوى) سواء أكانت عسكرية ( رومانية) أو سياسية أو دينية أو إلحادية بائت بالفشل ..لأن هذه القوى هي التي سماها السيد المسيح ب ..( أبواب الجحيم) التي كانت تستهدف شخص المسيح أولا ، ومشروعه الخلاصي ( أي المسيحية ) ثانيا .


فبعد أن شرع السيد المسيح بنشر دعوته الخلاصية ورسالته الإيمانية ، راح الأحبار ورؤساء المجامع يحاولون هدم تعاليمه وكسر شوكته ، حتى وصل الأمر إلى محاكمته باستخدام السلطة الحاكمة ثم صلبه بعد تلقيه الإهانات والتعسف .. لكنه انتصر . ثم بدأ التنكيل بالتلاميذ والرسل ، حيث راحت السلطات الدينية تبذل كل جهدها لإخراس صوت التلاميذ ومنعهم من التبشير باسم معلمهم ، فاضطهدوا وقتلوا .. لكنهم انتصروا .

بعدها حاولت الدولة الرومانية وعملائها ، التنكيل بالمسيحيين ومنعهم من أداء طقوسهم ، فهدمت وأحرقت الكنائس، ثم اضطهدت أتباع الديانة المسيحية حتى وصل الأمر إلى احراقهم ورميهم للوحوش الضارية ، ومسرح ( الكولوزيوم) بايطاليا خير شاهد على صحة ما نقول .. لكن المسيحية انتصرت بعد أن أصبحت الدولة الرومانية مركزا للمسيحية . وتكررذلك في دول عديدة ، خاصة الدول التي حملت ديانات جديدة ، حيث حاولت أن تسحب البساط من تحت أقدام المسيحية وتجهض مسيرتها بشتى الطرق ، في دول أفريقيا الشمالية ، والشرق الأوسط ، لكنها لم تحصد إلا الهواء ، حين صمدت المسيحية بوجه كل التيارات المضادة .. وانتصرت . ثم جاء ( الإلحاد) الذي حاول بطريقة أذكى من التيارات الدينية الأخرى أن يسقط المسيحية ، تارة بالقوة ، وأخرى بالإغراء ، وثالثة بالإضطهاد ، لكنه لم يستطع زعزعة الصخرة التي بناها السيد المسيح ، فانهار الإلحاد ككيان ، وانتصرت المسيحية .

والآن .. فإن ما يتعرض له المسيحيون في العراق ولبنان وبقية دول الشرق الأوسط من أعمال تنكيل واختطاف وقتل وتهجير ، هو عودة لزمن الإضطهادات التي بدأها الإمبراطور نيرون في العام 64 للميلاد ودامت ثلاثة قرون ، لم تنته أو تتوقف إلا لفترات شهدت فيها المسيحية ككل والكنيسة بشكل خاص ، انتعاشا وتقدما ، حتى وصلت من حيث الإنتشار إلى ما هي عليه الآن . ان الحرب على المسيحية ( في الأماكن المذكورة) والتي يشهدها العالم في القرن الحادي والعشرين هي حرب عقائدية لا تستهدف شخص السيد المسيح فحسب ( كما كانت أهداف الإضطهادات الأولى ) بل هي حرب شرسة تستهدف العقل المسيحي باستخدام اسلوب التشكيك بالعقيدة المسيحية ، وصولا لوضع القلق النفسي في عقول البعض من ضعاف النفوس والتي تغرى بالمال او الجاه او المنصب .. اما المتمسكين بايمانهم المسيحي ، المحصنين نفسيا وعقليا وايمانيا ، فالقتل والتهجير واعمال العنف والتعسف هو ما يتلقونه ..

ان الإيمان المسيحي ، راسخ في قلوب ملايين بل مليارات البشر ، وهذا الإيمان راسخ في ثوابت لا يمكن أن تتزحزح .. منها موت المسيح على الصليب وافتدائه للبشر ( جميعا) ، ثم القيامة وهي حقيقة واقعة ، لأن المؤمنين بها ينتظرون مجيء المسيح ثانية .. وهناك سيكون الإنتصار الكبير .