الحديث عن الصوم من الأحاديث التي لها حساسية خاصة
بسبب الترتيبات
بسبب الترتيبات
البشرية الكثيرة والمتنوعة التي أحاطت بهذا التعليم، وكثرة التعاليم والتقاليد البشرية عن الصوم حجبت الحق الكتابي بشأن هذا التعليم، وكثرة التعاليم الطائفية التي مزجت الحق الكتابي بأشياء أخرى كثيرة لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بذلك الحق. لذا يصير من المهم جداً أن نتدارس ما ورد في كلمة الله عن الصوم، حتى ننقي ونصحح ممارساتنا التعبدية من كل ما يعلق بها من تعليم بشري.
هذا هو السؤال الذي ينبغي أن نبدأ به للتعرف على الحق الكتابي، والإجابة على هذا السؤال لغوياً ستعيننا أكثر على تصحيح ممارسات خاطئة شاعت بالنسبة للصوم في بيوتنا وحياتنا.
إن الصوم كلمة تعني حرفياً تغطية الفم أي إغلاق الفم عن الطعام والكلام. أي الإمساك عن الأكل. ويُعرف قاموس المصباح المنير {أن كل مُمسِك عن طعام أو كلام أو سير فهو صائم}.
ويرد ذات المعنى في النص اليوناني للكتاب المقدس بمعنى Nesteus والمساوية لكلمة Abolain وتعني: الإغلاق بإحكام، أي إمساك اللسان وإغلاق الفم عن الطعام. و {الإفطار} هو الكلمة المشهورة والمعروفة لدينا، وهي في الإنجليزية (كسر الصوم breakfast).
ويشير الكتاب المقدس إلى نوعين من الصوم مارسهما البشر في العهد القديم:
- امتناع بعض الناس عن تناول الطعام لأسباب نفسية بحتة لا علاقة لها بممارسة الصوم كعبادة. فرفض تناول الطعام ذُكر في العهد القديم كنتيجة لمشاعر ثائرة أو توتر أو غيرة أو غضب أو غيظ أو إحباط أو خيبة أمل، مثلما حدث مع حنّة أم صموئيل عندما أغاظتها ضرتها (1صم 7:1)، ومثلما امتنع يوناثان عن تناول الطعام بسبب غضبه على أبيه شاول حينما أمسك برمحه ليطعنه بسبب محبته وعلاقته بداود (1صم 34:20)، ومثلما امتنع آخاب عن الأكل حزناً وغماً وضيقاً من نابوت اليزرعيلي لعجزه عن الاستيلاء على كرمه (1مل 4:21).
- الصوم كعبادة وشركة روحية للتقرب من الله.
من التعريف السابق يتضح أن الصوم هو {امتناع}، وكلمة {الامتناع} تعني: عدم إدخال أي نوع من أنواع الأطعمة، أياً كان نوعها، إلى الفم أو الأمعاء، وبالتالي فإن محاولة وضع قائمة بأطعمة تؤكل وأطعمة يُمتنع عن أكلها وقت الصيام، إنما يتعارض بشكل أساسي مع ما تعنيه كلمة (صوم) أي الامتناع عن تناول" أي "طعام.
والكتاب المقدس يحدثنا عن أن الله أوضح أن كل ما خلقه هو طاهر وصالح للأكل.
أخطر ما في الحديث عن أنواع الأطعمة هو أن البشر أقاموا نُظماً صيامية بأكملها مبنية على عبارات كتابية قليلة جداً، للممارسات الشخصية التي لم تصدر بها وصايا أو تعاليم إلهية لبعض الأفراد، والتي تعبر فقط عن أسلوب معين لعلاقتهم الشخصية بالله مثل:
- ما جاء في قصة دانيال الذي يقول عنه {أما دانيال فجعل في قلبه أن لا يتنجس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه فطلب من رئيس الخصيان أن لا يتنجس} (دا 8:1)، ويشير أيضاً الكتاب أن دانيال في حزنه الشديد وحالته النفسية السيئة قال: {كنت نائحاً ثلاثة أسابيع أيام. لم آكل طعاماً شهياً ولم يدخل في فمي لحم ولا خمر ولم أدهن حتى تمت ثلاثة أسابيع أيام} (دا 2:10، 3). قراءة هذه الآية وما يليها من آيات لها لا تشير إلى أي صوم من الأصوام، لكنها تشير إلى أن {الامتناع} عن طعام وتناول طعام آخر لم يكن أساساً بسبب نوعية الطعام، لكن بسبب (الغرض) الذي يُستخدم فيه هذا الطعام. لقد كان دانيال دائماً إنساناً يهودياً ملتزماً بما يُحرّمه الناموس، الذي كان يُحرّم أكل: الشحم والدم وما لا يشق ظلفاً وما لا يجتر وما ذبح للأوثان من البهائم وما سُكب للأوثان من مشروبات. لكن ينبغي أن نلاحظ أيضاً أن الناموس وهو ينهي عن تناول أطعمة معينة، لم يعلن إطلاقاً، أن هذا له علاقة بأي شكل من الأشكال بالصوم.
- لم يقدم الكتاب المقدس نصاً واحداً يحدد فيه نوع الطعام الذي ينبغي أن يُؤكل وقت الصوم. لقد أوضح السيد المسيح أن المشكلة لا تكمن {فيما يدخل الفم} لينجس الإنسان بل إن {يخرج من الفم} هذا ينجس الإنسان (مت 11:15).
إن خطورة الأمر في تحديد نوعية الأطعمة، هو أن الكنائس لم تفرق بين ما هو وصية كتابية وبين ما هو ممارسة أو استحساناً بشرياً. وواضح أن عدداً كبيراً من الكنائس بنت أغلب معتقداتها عن الصوم بسبب نصوص كتابية عن اختبارات أفراد، وفي ذات الوقت فإن هذه الاختبارات لم يرد بها أمر إلهي، بل كما أن فالرسول بولس أوضح أن كثيراً من هذه الممارسات التي لم يصدر بها وصايا إلهية لا تعبر سوى عن ممارسات تقوية شخصية يستريح الفرد روحياً لممارستها، وهذا ما قاله بصريح النص حينما كثر الجدل حول هذه الأمور{واحد يؤمن أن يأكل كل شيء وأما الضعيف فيأكل بقولاً لا يزدر من يأكل بمن لا يأكل ولا يَدِنْ من لا يأكل من يأكل لأن الله قبله والذي يأكل فللرب يأكل لأنه يشكر الله والذي لا يأكل فللرب لا يأكل ويشكر الله.. طوبى لمن لا يدين نفسه فيما يستحسنه}(رو 3:14، 22).
هل عرفت الآن ما هو الصوم الحقيقي الذي يطلبه الله وانه ليس ما يدخل الفم ينجسُ الإنسان بل ما يخرج من فم الإنسان هو ما ينجس.
متى 15 الايات 16-20
فقال يسوع هل انتم ايضا حتى الآن غير فاهمين .
17 ألا تفهمون بعد ان كل ما يدخل الفم يمضي الى الجوف ويندفع الى المخرج .
18 واما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر .وذلك ينجس الانسان .
19 لان من القلب تخرج افكار شريرة قتل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف .
20 هذه هي التي تنجس الانسان
No comments:
Post a Comment