Wednesday, June 10, 2009

كل الأشياء

ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده رو 8: 28

هذه العبارة هي مُعين لا ينضب يفيض بالتعزية والتشجيع في وقت التجربة وامتحان الإيمان. فالرسول يقول إن كل شيء، سواء كان مقبولاً أو غير مقبول حسب الظاهر، لا بد أخيراً يتحول للخير وفق مخطط الله الكُلي الصلاح المهيمن والمُمسك بزمام الأمور. صحيح عندما تحلّ الأحزان والكوارث، يصعب على الإنسان أن يدرك ويثق أنها تعمل معاً للخير، لكن هل هذا يغيّر شيئاً من الحقيقة؟

هذا القول موجّه "للذين يحبون الله"، "الذين هم مدعوون حسب قصده". فهو خاص بأولاد الله؛ الله "الذي لم يُشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين، كيف لا يهبنا أيضاً معه كل شيء". ليهتف كل مؤمن محبوب من الله الآب، مهما كانت أبعاد الأعماق التي يحيا فيها مع أثقال الحياة وعبئها قائلاً: "ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله".

إن الأحداث اليومية بكل تفاصيلها، هي التي من خلالها يتمم الله خطته، ولا تستطيع أية ظروف أخرى أن تجلب لك الخير الأفضل حسب قصد الله الحكيم الذي لا يخطئ، أحسن من الظروف التي تُحيط بك الآن، فاقبل بسرور أن يتمم الله مشيئته الصالحة، فتستقر الحياة، ويسود السلام ويمتلئ القلب بالراحة والفرح والسرور.

إن حوادث الحياة مترابطة وممتزجة معاً كوصفة طبيب ماهر وخبير، وقد وردت هذه العبارة في إحدى الترجمات "ونحن نعلم أن الله يمزج كل الأشياء للخير للذين يحبونه".

ما أكثر ما حكَمنا في الماضي على أمور كانت تُرى حسب الظاهر أنها بلايا ومصائب ستنهي الحياة وتقطع كل أمل ورجاء، وإذا بمرور الزمن ثبت أن الله كان يختزن لنا من ورائها الخير الجزيل. فيوسف الذي لاحقته المتاعب والمصائب، الذي بيع عبداً وأُلقيَ به في السجن وهو بريء، لم يكن من السهل عليه أن يرى في ذلك ما هو لخيره، ولكن الأيام تمرّ وبعد وقت طويل إذ يذكر هذه الأحداث التي مرَّت به، يقول لإخوته "أنتم قصدتم لي شراً، أما الله فقصد به خيراً" ( تك 50: 20 ).

إن لله في أحداث الحياة قصداً لائقاً به يعرفه هو نفسه، أما نحن فمن أمس ولا نعلم. فحري بنا أن نثق فيه وفي محبته، وفي هدوء وصبر ننتظره


ج. ازوالد ساندرز

Monday, June 8, 2009

صانع الأحداث


في تلك الأيام، بينما كان مردخاي جالساً في باب الملك، غضب بغثان وترش خصيا الملك حارسا الباب، وطلبا أن يمدا أيديهما إلى الملك أحشويروش. فعُلِمَ الأمر عند مردخاي ( أس 2: 21 ،22)



مَنْ هو مردخاي هذا حتى يكون هو الوحيد الذي يعلم بمحاولة اغتيال الملك؟ أليس هو مجرد رجل يهودي جُلب من بلاده مسبياً؟ ثم ما هي مكانته ووظيفته؟ أليس هو مجرد واحد من العبيد الكثيرين ( أس 3: 2 ) الجالسين بباب الملك لتلبية أوامر خدامه؟ ثم ما هي وظيفته بالنسبة لوظيفة بغثان وترش واضعاً خطة الاغتيال، واللذين كانا حارسا باب الملك، ويقيناً كانا قد أحاطا خطتهما بستار كثيف من الطي والكتمان؟ ثم أين جهاز مخابرات الملك؟ أين جواسيسه؟ أين بقية حراسه وضباطه؟ مَنْ هو مردخاي هذا حتى أنه هو وحده يعلم؟

وما يزيد الواقعة غموضاً، أن الكتاب لا يذكر أي نشاط إيجابي بذله مردخاي يجعله دون غيره يعلم بمحاولة الاغتيال قبل وقوعها، بل على العكس يحرص الكتاب على أن يذكر أن مردخاي كان جالساً! ليؤكد لنا أنه لم يبذل أي جهد من جانبه ليعلم. ولذا يقف العقل حائراً متسائلاً: "كيف علم مردخاي بالأمر؟ ولماذا هو وحده الذي علم؟"

لكن الإيمان لا يحتار أبداً، بل هو يعرف يقيناً كيف علم مردخاي، حتى وإن كانت لا توجد عبارة صريحة. وهنا يستند الإيمان على إعراب فعل العلم، فكلمة "عُلِمَ" مبنية للمجهول، فالفاعل الذي أعلم مردخاي هو شخص مجهول، ومَنْ يا ترى هذا الفاعل المجهول في هذا السفر، الذي فعل الكثير دون أن يُذكر اسمه، سوى الله العليم؟

ألا تذكِّرنا هذه العبارة المختصرة الرائعة "عُلِمَ الأمر عند مردخاي" بأخرى تُشبهها كثيراً ولا تقل روعة، والعجيب أنها قيلت أيضاً بصدد ما حدث مع تقي مسبي آخر، عندما صلى دانيال مع رفقائه بخصوص حلم نبوخذ نصر، يقول الكتاب "حينئذ لدانيال كُشف السر" ( دا 2: 19 1تي 1: 17 ).

نعم، أيها الأحباء، فالأحداث لا تحدث عشوائياً كما يقول الملحدون، وحاضرنا ومستقبلنا لا تنسجهما الصدف كما يدَّعي الوجوديون، بل لنا إله عظيم يصنع الأحداث ويتقن الدهور. هو الدائم غير المتغير، هو صانع الدهور، ولذا يليق به وحده أن يكون ملكها. وهو ليس مجرد مراقب للأحداث، بل هو صانع لها.

د.ماهر صموئيل


Monday, June 1, 2009

أهمية فهم كلمة الله

طريق وصاياك فهمني، فأناجي بعجائبك ... فهمني فألاحظ شريعتك، وأحفظها بكل قلبي ( مز 119: 27 ،34)



أيها الأحباء لنسأل أنفسنا: كم من الاهتمام يجب أن نعطيه للكلمة لنفهم ما تقوله لنا؟ ألا تستحق الوقت والمجهود لدراستها وفهمها؟ أم أننا نظن أن ذلك متروك للمعلمين والمبشرين؟ إن الوحي يقول إن الفهم أفضل مما تساويه اللآلئ، وأفضل من أي شيء آخر "قنية الحكمة كم هي خيرٌ من الذهب. وقنية الفهم تُختار على الفضة" ( أم 16: 16 ). "طوبى للإنسان الذي يجد الحكمة، وللرجل الذي ينال الفهم، لأن تجارتها خيرٌ من تجارة الفضة، وربحها خيرٌ من الذهب الخالص" ( أم 3: 13 ،14). وفي مزمور138: 2 نقرأ "لأنك قد عظَّمت كلمتك على كل اسمك" لأن الله وضع قيمة كبرى لكلمته، وفي مقابل ذلك هو يريدنا أن نقدِّر قيمتها لنصرف أمامها الوقت الطويل، ونبذل المجهود لنفهمها ونعيها.

ولكن لماذا يريدنا الرب أن نفهم كلمته؟ هل لاكتساب المعرفة التي تنفخ؟! تأمل معي أهداف المرنم في مزمور119 في طلبه معرفة كلمة الله:

مز 119: 27 ).

1 ـ ليُخبر الآخرين بعجائب الكلمة

2 ـ حتى يعمل إرادة الرب (ع34)

3 ـ حتى يستطيع أن يرى الكلمة في وضوح أكثر فيخدم الرب ويشهد له ويتعبد له (ع125، 126).


ولماذا صلى الرسول من أجل الكولوسيين ليمتلئوا من معرفة الله ومشيئته في كل حكمة وفهم روحي؟ الإجابة هي: حتى يستطيعوا أن يسلكوا "كما يحق للرب في كل رضى مُثمرين في كل عمل صالح ونامين في معرفة الله" ( كو 1: 10 ).

إن القصد الإلهي هو أن نكون مُشابهين صورة ابنه ( رو 8: 29 )، لذلك نستطيع بكل ثقة أن نقرر أن الهدف من فهم كلمة الله هو أن نقدّره، وأن نكون مُشابهين صورة ابنه.

لقد أعطانا الرب كلمته التي لا تُقدَّر بثمن، وهي ملآنة بمواعيد عُظمى وثمينة لنا أكثر مما نفتكر. وهي تتطلب منا أن نكون مُثمرين في فهمها، ونثق بها تماماً، وهذا يتطلب منا أن نفهم تعليم الروح القدس، وذلك على أساس تعاملنا بلا شفقة مع أية خطية في حياتنا ومع قلوبنا المُشتتة.
كما وأن التأمل فيها، ودراستها، والاستفادة من المعلمين بها، كلها وسائل يستخدمها الروح القدس لتعليمنا وإرشادنا، والهدف النهائي هو أن نمجد الرب في حياتنا.



غريغ دايتز