Sunday, March 29, 2009

مثل الزارع


في ذلك اليوم خرج يسوع من البيت وجلس عند البحر. فاجتمع اليه جموع كثيرة حتى انه دخل السفينة وجلس. والجمع كله وقف على الشاطئ. فكلمهم كثيرا بامثال قائلا هوذا الزارع قد خرج ليزرع. وفيما هو يزرع سقط بعض على الطريق. فجاءت الطيور واكلته. وسقط آخر على الاماكن المحجرة حيث لم تكن له تربة كثيرة. فنبت حالا اذ لم يكن له عمق ارض. ولكن لما اشرقت الشمس احترق. واذ لم يكن له اصل جف. وسقط آخر على الشوك فطلع الشوك وخنقه. وسقط آخر على الارض الجيدة. فاعطى ثمرا. بعض مئة وآخر ستين وآخر ثلاثين.

من له اذنان للسمع فليسمع

فتقدم التلاميذ وقالوا له لماذا تكلمهم بامثال. فاجاب وقال لهم لانه قد أعطي لكم ان تعرفوا اسرار ملكوت السموات. واما لأولئك فلم يعط. فان من له سيعطى ويزاد. واما من ليس له فالذي عنده سيؤخذ منه. من اجل هذا اكلمهم بامثال. لانهم مبصرين لا يبصرون وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون. فقد تمت فيهم نبوة اشعياء القائلة تسمعون سمعا ولا تفهمون. ومبصرين تبصرون ولا تنظرون. لان قلب هذا الشعب قد غلظ. وآذانهم قد ثقل سماعها. وغمضوا عيونهم لئلا يبصروا بعيونهم ويسمعوا بآذانهم ويفهموا بقلوبهم ويرجعوا فاشفيهم. ولكن طوبى لعيونكم لانها تبصر. ولآذانكم لانها تسمع. فاني الحق اقول لكم ان انبياء وابرارا كثيرين اشتهوا ان يروا ما انتم ترون ولم يروا. وان يسمعوا ما انتم تسمعون ولم يسمعوا

فاسمعوا انتم مثل الزارع.

كل من يسمع كلمة الملكوت ولا يفهم فيأتي الشرير ويخطف ما قد زرع في قلبه. هذا هو المزوع على الطريق. والمزروع على الاماكن المحجرة هو الذي يسمع الكلمة وحالا يقبلها بفرح. ولكن ليس له اصل في ذاته بل هو الى حين. فاذا حدث ضيق او اضطهاد من اجل الكلمة فحالا يعثر. والمزروع بين الشوك هو الذي يسمع الكلمة. وهم هذا العالم وغرور الغنى يخنقان الكلمة فيصير بلا ثمر. واما المزروع على الارض الجيدة فهو الذي يسمع الكلمة ويفهم. وهو الذي يأتي بثمر فيصنع بعض مئة وآخر ستين وآخر ثلاثين.


متى 13

Wednesday, March 25, 2009

أين ستكون في الأبدية؟

فيمضي هؤلاء إلى عذابٍ أبدي والأبرار إلى حياةٍ أبدية ( مت 25: 46 )


أيها القارئ العزيز: إن وقتك لدخول الأبدية لا بد آتٍ سريعًا. اسأل نفسك بأمانة. ”هل أنا مستعد للأبدية؟“ أعطِ ضميرك وقتًا ليُجيب. استمع! إنه يناجيك اليوم فلا تُسكِت صوته لئلا يمتنع عن أن يتكلم مرة أخرى. دع سماء وجحيم المستقبل يقفان أمامك بكل ما لهما من روعة وحق. إن أحد هذين المكانين لا بد وأن يكون مقرك الأبدي، واليوم هو الوقت الذي فيه تختار لنفسك. قد يكون الغد خارج حدود أيامك فتخسر حياتك إلى الأبد، لذلك لا تؤجل أمرًا لا يعادله في الخطورة أي أمر آخر مهما بَدَا أمامك هامًا.

تأكد أنه من المستحيل أن ينقلك الموت من أحضان الشر والرذيلة إلى حضرة الله القدوس. إنه لن ينقلك من بين المحكوم عليهم بالهلاك؛ زملائك في السعي وراء الذهب والمكسب، إلى أغاني المفديين المتوَّجين في المجد. يقول الرب: «إن كان أحدٌ لا يولد من فوق، لا يقدر أن يرى ملكوت الله» ( يو 3: 3 ). أيها القارئ: هل حصل معك هذا مرة؟ هل وُلدت من فوق، ولادة جديدة من الله؟ إن كان الأمر كذلك فحسنًا، وإلا فأهوال العذاب الأبدي تنتظرك، وأنت اليوم، أكثر من أي وقت مضى أقرب إلى «حيث الدود لا يموت والنار لا تُطفأ» ( مر 9: 48 ).

لماذا تقابل الله بنفس غير مُخلَّصة؟ إنه لا يريد ذلك، وهو اليوم يناشدك ويستحثك فالتفت إليه واخلُص، لا تُهلك نفسك بإرادتك إلى الأبد. اليوم يوجه الرب التفاتك إلى الصليب، إلى ابن الله المرفوع، المتألم بل المجروح والمسحوق، وكل ذلك لأجلك شخصيًا.

أيها القارئ: إنه لأجلك قد لبس إكليل الشوك، لأجلك قد أخرجت حربة الجندي الدم من جنبه، لأجلك صرخ في نُصرة قائلاً: «قد أُكمل»، لأجلك يوجد خلاص مجاني اليوم، وإذا قبلته بدون شرط، كخاطئ، لا بد وأن تخلُص إلى الأبد.

لا تظن أنك ستُستثنى من مقابلة الله، لأجل ذلك، اليوم إن سمعت صوته فلا تقسِ قلبك .. لكن، كما أنت، ثق بالرب يسوع المسيح، اقبله مخلصًا لك لأن كلمة الله تقول: «إن اعترفت بفمك بالرب يسوع، وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات، خلصت. لأن القلب يُؤمَنُ به للبرِّ، والفم يعترف به للخلاص» ( رو 10: 9 ، 10).



سبرجن

Monday, March 23, 2009

اذهبوا إلى العالم

فاطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فَعَلة إلى حصاده ( مت 9: 38 )
.. اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها



إن جزءًا من قصد الرب قد تم في خلاص نفوسنا نحن. هذا جميل ومن أجله نفرح ونُعظّم اسمه المبارك. ولكن ليس هذا كل شيء. يوجد الجزء الآخر من غرض الرب السامي وذلك هو أن نأتي نحن المُخلَّصين بثمر، وأن نأخذ نصيبنا في تتميم مقاصد نعمته نحو غير المُخلَّصين. إنه لو كان لنا شيء يُذكَر من محبته غير المحدودة نحو النفوس البعيدة لَمَا شعرنا براحة، ولو ليوم واحد، من نحو الكثيرين، ولا سيما المُحيطين بنا، ممن لا يزالون في الظلمة ولم يتمتعوا بفرح وبركات خلاص نفوسهم العزيزة الكريمة. آه. مَن لنا بقلوب تشاركه في محبته وعطفه. أ لم نسمعه يقول: «فاطلبوا من رب الحصاد أن يُرسل فَعَلة إلى حصاده» ( مت 9: 38 ). ولكن لا شك أن خلف هذا التحريض قلبًا مُفعمًا بالمشغولية العظيمة بحاجات الشعب الروحية. «ولما رأى الجموع تحنن عليهم ... حينئذٍ قال لتلاميذه: الحصاد كثير ولكن الفَعَلة قليلون. فاطلبوا من رب الحصاد أن يُرسل فَعَلة إلى حصاده».

إن الشعور بحاجتنا يدفعنا للصلاة. ولكن يجب أن تدفعنا حاجات الآخرين إلى الصلاة بنفس الرغبة والنشاط والقوة. إننا عندما نصلي من أجل الآخرين بحرارة، نكون متفقين مع فكر الرب كل الاتفاق. والذين علَّمهم الرب أن يصلّوا كانوا نفس الأشخاص الذين اختارهم ليُرسلهم. دعاهم إليه وأعطاهم سلطانًا وأرسلهم ( مت 10: 1 - 5). إن قوله «اطلبوا» وقوله «اذهبوا» قد صدر منذ ألفي سنة تقريبًا، ومع ذلك توجد للآن أماكن في حقل الحصاد بدون عمال بالكُلية.

إن الكثيرين من البشر لا يزالون يجهلون المسيح الذي مات لأجلهم، ولا يزالون تحت سلطان إبليس عدو النفوس الأعظم، الذي جاء الرب لكي يُخلِّص هذه النفوس من عبوديته المريرة القاسية.
ويجب أن نذكر، ليس فقط الأماكن التي لم يصل إليها كارز بالإنجيل، بل أيضًا نذكر قلة الكارزين في كثير من الأماكن التي وصل إليها الإنجيل. في كثير من الأماكن يتحمل العاملون ضغطًا ومسؤوليات أكثر مما يستطيعون القيام به، لأن قلة عدد العاملين يضطر المُخلِص لعمل الرب أن يعمل فوق مقدوره، شاعرًا بحاجة النفوس الكثيرة حوله ووجوب العمل المتوالي على تسديد هذه الحاجات. ليتنا لا ننسى أن نطلب بلجاجة من رب الحصاد أن يرسل فَعَلة إلى حصاده.


أزوالد ج. سميث

Monday, March 16, 2009

مثل الوزنات




"ويُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ رجُلاً أرادَ السَّفَرَ، فدَعا خدَمَهُ وسَلَّمَ إلَيهِم أموالَهُ، 15كُلُّ واحدٍ مِنهُم على قَدْرِ طاقَتِهِ. فأعطى الأوّلَ خمسَ وزَناتٍ مِنَ الفِضَّةِ، والثّاني وزْنَــتَينِ، والثّالثَ وزنَةً واحدةً وسافرَ. 16فأسرَعَ الَّذي أخذَ الوَزَناتِ الخَمسَ إلى المتُاجَرةِ بِها، فربِـحَ خَمسَ وزَناتٍ. 17وكذلِكَ الَّذي أخذَ الوَزْنَتينِ، فرَبِـحَ وزْنَتينِ. 18وأمّا الَّذي أخذَ الوَزْنَة الواحدَةَ، فذهَبَ وحفَرَ حُفْرةً في الأرضِ ودفَنَ مالَ سيَّدِهِ.

19وبَعدَ مُدّةٍ طويلةٍ، رجَعَ سيَّدُ هؤُلاءِ الخَدَمِ وحاسَبَهُم. 20فجاءَ الَّذي أخَذَ الوَزَناتِ الخَمسَ، فدَفَعَ خَمسَ وزَناتٍ مَعَها وقالَ: يا سيَّدي، أعطيتَني خَمسَ وَزَناتٍ، فخُذْ خَمسَ وزَناتٍ رَبِحتُها. 21فقالَ لَه سيَّدُهُ: أحسَنتَ، أيٌّها الخادمُ الصالِـحُ الأمينُ! كُنتَ أمينًا على القليلِ، فسَأُقيمُكَ على الكَثيرِ: اَدخُلْ نَعيمَ سيَّدِكَ.

أعطَيتَني وزْنَــتَينِ، فخُذْ معَهُما وزْنتَينِ رَبِحتُهُما. 23فَقالَ لَه سيَّدُهُ: أحسنتَ، أيٌّها الخادِمُ الصّالِـحُ الأمينُ! كُنتَ أمينًا على القَليلِ، فسأُقيمُكَ على الكَثيرِ: اَدخُلْ نَعيمَ سيَّدك

َ24وجاءَ الَّذي أخَذَ الوَزْنةَ الواحِدَةَ، فقالَ: يا سيَّدُ، عَرَفْتُكَ رجُلاً قاسِيًا، تحصِدُ حيثُ لا تَزرَعُ، وتَجمَعُ حيث لا تَبذُرُ، 25فخِفتُ. فذَهبتُ ودفَنْتُ مالَكَ في الأرضِ، وها هوَ مالُكَ. 26فأجابَهُ سيَّدُهُ: يا لَكَ من خادِمِ شِرّيرٍ كَسلانَ! عَرَفتَني أحصِدُ حَيثُ لا أزرَعُ وأجمَعُ حيثُ لا أبذُرُ، 27فكانَ علَيكَ أنْ تضَعَ مالي عِندَ الصَّيارِفَةِ، وكُنتُ في عَودتي أستَرِدٌّهُ معَ الفائِدَةِ. 28وقالَ لخَدَمِه: خُذوا مِنهُ الوَزْنَةَ واَدْفَعوها إلى صاحِبِ الوَزَناتِ العَشْرِ، 29لأنَّ مَنْ كانَ لَه شيءٌ، يُزادُ فيَفيضُ. ومَنْ لا شيءَ لَه، يُؤخذُ مِنهُ حتى الَّذي لَه. 30وهذا الخادِمُ الَّذي لا نَفْعَ مِنهُ، اَطرَحوهُ خارِجًا في الظّلامِ. فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأسنانِ.

مثل الوزنات


من له يُعطى ويُزاد.
أن يكون لنا وزنة، لا يعني أن نكون عباقرة أو موهوبين فوق الحدّ. بل أن نستغلّ الامكانيات التي أعطيناها. الوزنة في الإنجيل تمثل 30 سنة من شغل عامل يومي. إذن، نحن أمام كمية كبيرة. ولكن سواء كانت الموهبة كبيرة أم صغيرة، فعلينا أن نجعلها منتجة ونستفيد من غياب السيد. زمن الموت ليس زمناً لا فائدة منه. فالمسألة الحقيقية هي غياب السيد. فماذا نستطيع ان نعمل بدونه؟
يبدأ هذا المثل فيعيد إلينا استقلاليتنا ومبادرتنا. لم نعد أولاداً أو أطفالاً. نرى في هذا المثل تلاميذ خافوا لما عرفوا أن المسيح سيتركهم. سيشاركون في فرح السيد، شرط أن يعيشوا حياتهم بأحسن ما يكون وحسب الوزنات التي أعطيت لهم.
خاف الرجل الثالث. وله أعذاره. ولكن الحياة هي مخاطرة. قد نظن: لا بأس بما عمله. فقد حافظ بعناية على وديعة الإيمان. لا شكّ في أن على الكنيسة أن تحافظ على هذا الكنز. ولكن عليها خصوصاً أن تنمّي امكانياتها في واقع البشر الملموس. المحافظة تدفعنا إلى استنباط الطرق لكي نضاعف ما نملك. هذا لا يعني أن تكون لنا المواهب العديدة، بل أن نعيش جنون المغامرة.
كان باستطاعة الرجل الثالث أن يقول: معلمي لطيف. هو لا يحصد إلا حيث زرع. ولكنه قال عكس ذلك. خطأه الأكبر: عرف ولم يكن منطقياً، فلم يطبّق معرفته على نفسه ."عرفتَ أنني رجل قاسٍ". هذا ما قال له المعلّم. الشرّ كل الشرّ هو أن نعرف ونخاف.
ونلاحظ ثقة السيّد بعبيده. هو قد خاطر. لقد راهن على الإنسان (قد يخسر أو يربح). جعل الواحد مختلفاً عن الآخر مع شخصيّته الخاصة وغناه الخفي. وأمامه، نستخرج وزناتنا المخبأة. هي ليست لنا، بل سُلّمت إلينا. كل ما نملك هو وديعة في أيدينا: الأموال، الأشخاص، الأحداث. والوزنة هي لنا كرامة ومهمة. وحين نقوم بهذه المهمة نعطي صورة عن وجه الله: لا ذاك الإله القاسي، بل الخالق الذي يُشركنا في عمله.
في الظلمة البرّانية، لا نجد اناساً، بل اهتماماً بالربح. أما عنده فالتوظيف يجعلنا نعيش. إنه طبيعي كالعالم وروحي كالحب. لا يحبّ يسوع ان نكدّس المال. ومع ذلك فالتوظيف المالي هو واجب انجيلي.
وُصف العبد الصالح بأنه أمين (مؤمن). نشاطه الكبير هو في خدمة الإنجيل. ولا همّ له إلاّ مصالح الله التي هي في الوقت عينه مصالح البشر: أي أن نكون جماعة أناس متفتّحين منشرحين.
هذا المثل هو أكثر من خبر أخلاقي حيث يحاول كل واحد أن يستغلّ امكانياته. لا شكّ في أنه يجب أن نستغلّها. ولكن هناك أكثر من ذلك. لا بدّ أن نصل إلى انسان تصالح مع نفسه ومع الله. إن يسوع يفخر تردّداتنا وبطئنا وصغارتنا وبحثنا عن الراحة. الحياة لها معناها، فكيف نسمح لنفسنا أن نضيّذعها كذلك العبد البطّال؟
هل نجد أناساً لايستثمرون مالهم؟ من يخبّىء بعد ماله في "عبّه" أو تحت فراشه؟ في مجتمع اخترع ما اخترع للمدّخرين، لا نفهم بسهولة موقف العبد الثالث الذي أخفى مال سيده! أي خطأ فعل؟!
ولكن هذا الموقف موجود في مجال الإيمان: نتمتع بديانتنا وحدنا أو في تجمّع صغير أو في عش دافىء. هذه التجربة هدّدت الجماعات في زمن الرسل، ساعة تردد المسيحيون الآتون من العالم اليهودي فرفضوا الانفتاح على الوثنييِن.
وجاءت عنصرة وراء عنصرة فزعزعت أسس البيت وأطلقت المرسلين الأوّلين على طرق العالم. ويا ليت بيتنا يتزعزع وجماعاتنا تتزعزع فلا نبقى خائفين!
تحدّث يسوع في هذا المثل عن الوزنات . وفي مكان آخر عن حبة الخردل والخمير. التعليم هو هو. ملكوت الله وحضوره في العالم هما قوة تصل إلى الغير، هما قوّة الروح. فنحن لا نستطيع أن نخفي هذه القوّة . لأن الملكوت يُسقط أسوار خوفنا وجدران اهتماماتنا.
يبقى على جماعتنا وعلى كل واحد منا أنا يعرف الوزنات المسلمة إليه. لا شكّ أن هناك مواهب خاصة. وهناك موهبة الروح القدس التي يمنحنا إياها المسيح فيساعدنا على نشر ملكوت الله فينا وحولنا، ويرسلنا إلى العالم.
المسيح يدعونا إلى السهر، سيعود. فلننتظر عودته، لا بالكسل بل بالنشاط، لأنا الروح يدفعنا إلى تهيئة المجيء الثاني في جماعاتنا، في داخلنا وحولنا.
إنتظار مجيء الرب لا يعني أن نكتّف أيدينا ونمتنع عن العمل. هذا ما يقوله لنا مثل الوزنات. لم يسلِّم إلينا الإيمان كقطعة من ذهب نخفيها في الخزنة، بل كموهبة نستغلّها. الإيمان يستنبط، يخلق الجديد وهو عكس الكسل والمحافظة على ما هو قديم لأنه قديم




الخوري بولس الفغالي



Sunday, March 8, 2009

نتغير في لحظة

لا نرقد كلنا، ولكننا كلنا نتغير، في لحظة في طرفة عين، عند البوق الأخير. فإنه سيبوَّق، فيُقام الأموات عديمي فساد، ونحن نتغير ( 1كو 15: 51 ،52)

نتغير في لحظة! في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير! وهذا البوق الأخير بلا شك إشارة حربية. توجد عدة أبواق يتهيأ بها الجيش ولكن البوق الأخير هو بوق المسير والانطلاق.

ولا يُذكر هنا إلا البوق الأخير لأنه مفروض في المسيحي أنه مستعد ومهيأ بواسطة عمل الرب يسوع الكامل وبواسطة طاعة الرب يسوع المسيح الكاملة حتى الموت. وعند سماع صوت البوق الأخير ـ بوق المسير، ننهض متغيرين إلى صورته.

ومَنْ ذا يستطيع أن يُعبِّر عن فرح تلك اللحظة ـ الفرح المجيد ـ فرح اللقاء! هو الرب الذي سنرى وجهه ـ الرب الذي طالما حنَّت إليه النفس واهتزت له العواطف وهتف به اللسان قائلاً: "الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي" ( غل 2: 20 )، الرب الذي طالما تغنى به القلب مردداً "الذي وإن لم أرَه أحبه. ذلك وإن كنت لا أراه الآن، لكن أؤمن به فأبتهج بفرحٍ لا يُنطق به ومجيد". وكم تكون أفراح ذلك القلب عندما يحصل على كل رغائبه وتشبع كل أشواقه في تلك اللحظة الفائقة المجيدة حينما نراه وجهاً لوجه وتقع عيوننا لأول مرة على شخصه العزيز المبارك! هل ستكون لحظة دهشة عميقة أم تأمل هادئ أم كلاهما معاً؟ آه يا ربنا ومخلصنا حقق ذلك لنا الآن!

قد يهزأ العالم بهذا الرجاء ولكن الإيمان يستريح بيقين تام على كلمة الله الحي. إن بني الأنبياء لم يصدقوا أن إيليا أُخذ إلى السماء بدون موت فأرسلوا ليفتشوا عليه على الجبال، لكنه كان تفتيشاً باطلاً ( 2مل 2: 15 -18). وهكذا لا يمكن لجهالة عدم الإيمان أن تتعدى ببصرها إلى ما وراء الأفق المحصور الذي يقع في دائرة حسها وفي نطاق تفكيرها الضيق.

وعندما تُخطف الكنيسة ربما يرسل الأشخاص غير المؤمنين ليفتشوا على بعضٍ منا على الجبال. وإن نفسي لتبكي في السر حسرة على أولئك الذين يرفضون النعمة التي تفتش الآن على الهالكين، وسيُتركون بعد اختطاف الكنيسة ليفتشوا على المؤمنين باطلاً على جبال هذا العالم المُظلمة التي يكون قد سما فوقها المؤمنون صاعدين لملاقاة الرب في الهواء.

"آمين. تعال أيها الرب يسوع"

كاتب غير معروف